ضربة موجعة تلك التي تلقاها دعاة الحفاظ على اللاعبين مزدوجي الجنسية الذين ينشطون في الفئات الشبانية للمنتخب الفرنسي بعد أن قرر وسط ميدان "فالنسيا" سفيان فغولي أن يترك "الديكة" ويلعب للمنتخب الوطني،
ولم يكن قرار هذا اللاعب الأول من نوعه بل سبقه الكثير من اللاعبين الذين يوجدون في وضعية مشابهة وهذا منذ صدور قانون "الباهماس" الذي كان الفضل الكبير فيه لرئيس "الفاف" روراوة، والآن يمكن التأكيد على أنّ اللاعبين الذين قرروا العودة إلى الأصل من خلال إختيار منتخبات بلدانهم الأصلية فاق كل التوقعات وأصبح مشكلا عويصا للبلدان التي ترعرعوا فيها ولعبوا في منتخباتها الشبانية، وهو ما جعل رؤساء بعض الإتحاديات الأوروبية يتحركون من أجل إيقاف هذا الزحف من اللاعبين من خلال تحضير مشروع قانون يمنع اللاعبين مزدوجي الجنسية الذين يلعبون في المنتخبات الأوروبية للشبان من الإنضمام إلى منتخبات بلدانهم الأصلية بمجرد تدشينهم أول مشاركة في منتخبات الدول الأوروبية التي ولدوا فيها.
فغولي أشعل فتيل النار مجددا بعد قضية "الحصص"
وإذا كان الفرنسيون قد تقبّلوا قرار إختيار مغني، يبدة، مجاني، بلعيد، عبدون ورياض بودبوز اللعب لصالح المنتخب الوطني بعد أن تقمصوا ألوان منتخباتهم الشبانية خاصة أن رغبة هؤلاء كانت أقوى من أجل لعب "المونديال"، فإن الأمور كان يصعب على أبناء "موليير" هضمها بعد أن إختار لاعب "أودينيزي" الإيطالي مهدي بن عطية اللعب لصالح المغرب وبعدها "لودوفيك أوبرانياك" الإنضمام إلى منتخب بولونيا وأخيرا "جاك فاتي" لمنتخب السنغال، كما أن رحيل هدّاف "ليغ 1" الموسم الفارط "موسى سوو" للعب مع السنغال لم يتمكن من هضمه الفرنسيين وتسبب هذا الأمر في تفجير قضية "الحصص" التي أسالت حبرا كثيرا وجعلت المديرية الفنية الفرنسية لكرة القدم تطلب تقليص عدد اللاعبين الشباب مزدوجي الجنسية في مراكز التكوين من أجل الحد من خطر رؤيتهم يدافعون في المستقبل عن منتخبات بلدانهم الأصلية ويضيعون من منتخب "الديكة". وإذا كان موضوع الحصص قد طُويت صفحاته لبعض الأسابيع بعد تلك الضجة التي أحدثها في الأوساط الكروية الفرنسية فإن الحديث عن اللاعبين مزدوجي الجنسية عاد بقوة في الأيام الأخيرة منذ أن راوغ فغولي الفرنسيين وقرر اللعب لصالح المنتخب الوطني، ولهذا السبب بدأ التحضير من الآن لقانون لا يكون قاسيا على البلدان التي تكوّن اللاعبين مزدوجي الجنسية.
تحضير قانون من أجل إجبار اللاعبين على إختيار جنسية واحدة
وتبحث فرنسا على إيجاد قانون يوقف زحف اللاعبين مزدوجي الجنسية نحو منتخبات بلدانهم الأصلية وهي تتناقش مع بقية البلدان المتضررة من قانون "الباهماس"، ولو أنها وجدت مشروع قانون تحاول سنّه لدى "الفيفا" ويتضمن إلزام اللاعبين الشبان على إختيار جنسية رياضية واحدة منذ صغرهم لا يمكن لهم تغييرها بأي حال من الأحوال مستقبلا. وبالنسبة لمؤيدي هذا المشروع (لمح إليه بلاتيني سابقا في حديث لوسيلة إعلامية) فإن الأمر سيحمس اللاعبين الأفارقة خاصة على إختيار الجنسية الفرنسية خوفا من أن يتم تهميشهم مع أنديتهم خاصة أنهم كلاعبين مزدوجي الجنسية لا يحتسبون لاعبين أجانب. ومعروف أنه في غالبية البطولات الأوروبية يتم تحديد عدد اللاعبين الأجانب في كل الأندية ولو يختار هؤلاء الشبان بلدانهم الإفريقية الأصلية سيصبحون لاعبون أجانب وسيقلصون حظوظهم بضمان مكانة مع الأندية التي قد تفضل عليهم لاعبين من أمريكا الجنوبية التي تبقى الوجهة المفضلة للأندية خاصة الإسبانية والإيطالية.
فرنسا تعوّل على هولندا، بلجيكا، ألمانيا ... وخاصة "بلاتيني"
وتعتزم فرنسا تقديم هذا المشروع إلى الإتحاد الأوروبي لكرة القدم وهي تعوّل على بلدان أخرى تعاني من المشكل نفسه في صورة هولندا، بلجيكا، البرتغال، ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، ويبقى أملها أكثر في ابنها "ميشال بلاتيني" الذي يترأس أكبر هيئة كروية على المستوى الأوروبي من أجل أن يتم سن قانون يحميها من هجرة اللاعبين مزدوجي الجنسية خاصة أن بلاتيني كان قد صرح علنا حين إنفجار ما أصطلح تسميته بقضية "الحصص" عن امتعاضه من قرار اللاعبين بتغيير منتخبات بلدانهم. ويبقى الأمر الواجب التأكيد عليه أن هذا المشروع يحضّر له في الكواليس بسرية شديدة ولن يكون من السهل إقناع "الفيفا" بتطبيقه.
الأمور ليست محسومة وقرار "بوسمان" والإتحاد الأوروبي قد يفشلان المخطط
ولعل ما يؤكد أن الأمور ليست محسومة مسبقا بالنسبة لفرنسا وبقية الدول التي ترغب في سن قانون يجبر اللاعبين على إختيار جنسية واحدة، هو ما حدث في قضية "بومسان" في 1995 حيث أن هذا اللاعب البلجيكي (إسمه جون جاك بوسمان) كان قد إحتج على أن يتم إحتسابه لاعبا أجنبيا مع ناديه الفرنسي "دانكيرك" على الرغم من أن بلجيكا وفرنسا يوجدان في الفضاء الأوروبي وهو ما جعل المحكمة الأوروبية تنطق بحكم مفاده أن كل المولودين في أوروبا يعتبرون منضمين إلى الإتحاد الأوروبي ويشكلون مجتمعا وحدا، لهذا السبب فإنه ليس مستحيلا أن يتم استبعاد مشروع "الجنسية الرياضية" من قبل الإتحاد الأوروبي بسبب التمييز.
الفرنسيون يريدون إبطال قانون "الباهماس" والعودة قبل 2002
وكخلاصة للقول فإن الفرنسيين يبحثون الآن عن إبطال قانون "الباهماس" الذي صدر في 2009 والعودة إلى ما كان عليه الحال قبل 2002 لما كان أي لاعب يتقمص ألوان منتخب في الفئات الشبانية يمنع من تغييره حتى لما يصل إلى صنف الأكابر، حيث أنّ الباحثين عن تطبيق مشروع "الجنسية الرياضية" يريدون إجبار الإتحاد الأوروبي على العودة إلى الوراء وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه لأن "الفيفا" هي التي سيكون لها القرار الأخير وحتما إتحاديات دول كثيرة سترفضه خاصة المستفيدة من قرار "الباهماس"، ويبقى رغم كل شيء الحذر واجبا من قبل الدول الإفريقية لأن فرنسا وبعض البلدان الأوروبية لن ترفع راية الإستسلام بسهولة.